فضاء الإعلام تنشر خطاب وزير الثقافة بمناسبة تدشين متحف السيرة النبوية بنواكشوط


بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

فخامة رئيس الجمهورية؛
معالي الوزير الأول؛
السيد رئيس الجمعية الوطنية؛
السيد زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية؛
السيد رئيس المجلس الدستوري؛

معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين المشرف العام على متاحف السيرة النبوية والحضارة الإسلامية؛
فضيلة الشيخ الدكتور/ ناصر بن مسفر القرشي الزهراني؛
أصحاب المعالي والسعادة والسيادة؛

أيها الحضور الكريم؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في هذه اللحظة المتوهجة نورا والمفعمة إيمانا وبركات ورحمات، نحتفي معًا بافتتاح فرعٍ مبارك لمتحف مبارك؛ متحف السيرة النبوية الشريفة؛ سيرة سيد الوجود، إمام المتقين والرحمة المهداة للعالمين، الذي قال عنه خالقه (وإنك لعلى خلق عظيم) وقال عنه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) وقال عنه (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقال عنه وقوله الحق (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
واختصرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أخلاقه بقولها "كان خُلُقُه القرآن."

فخامة رئيس الجمهورية؛
أيها الحضور الكريم؛

إن هذا المتحف يمثل حكاية أمة ضاربة في الزمان والمكان؛ حكاية ملأت الدنيا عدلا وحكمة وتسامحا وأمانا.. حكاية انطلقت من شعاب مكة لتعمر ما بين غرناطة وجاكرتا، وإننا، في هذا المقام المهيب، نجني بعضا من ثمار اهتمامكم، صاحب الفخامة رئيس الجمهورية، بتعظيم شعائر الله، وتوقير أنبيائه ورسله، وغرس محبة خير المرسلين؛ حيث رسختم المرجعية الإسلامية، فدعمتم التعليم الديني، وعززتم دور العلماء في نشر قيم الاعتدال والوسطية، وهو التوجه والتوجيه الذي تعمل حكومة معالي الوزير الأول على تجسيده، عبر برنامجها المكرس لمكانة الإسلام في هذه الأرض وعند أهلها؛ تعزيزا وتثمينا للوحدة الإيمانية للشعب الموريتاني.

فخامة رئيس الجمهورية؛
أيها الحضور الكريم؛

يمثل احتفاؤنا واحتفالنا بهذا الحدث المهيب سانحة كريمة لتقديم جزيل الشكر ووفير الامتنان  للمملكة العربية السعودية، قبلة المسلمين، وحاضنة وخادمة الحرمين الشريفين، ومحجة الآتين من كل فج عميق، على جهودها المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين، والشكر، كذلك، لرابطة العالم الإسلامي، ممثلة في معالي أمينها العام الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، رئيس هيئة علماء المسلمين المشرف العام على متاحف السيرة النبوية والحضارة الإسلامية، على دعم هذه المعالم الحضارية والإشراف عليها وإعانتها لإيصال ثمراتها العالمية ورسالتها الحضارية الإنسانية لكل أنحاء العالم.

وفي هذا السياق لا يفوتنا أن نتقدم بأجزل الشكر والتقدير والدعاء لفضيلة الشيخ الدكتور/ ناصر بن مسفر القرشي الزهراني، الذي أبدع وأنجز هذا المحتوى العلمي التأصيلي التجديدي الضخم، القائم على القرآن الكريم والسنة الشريفة فقط، فأنجز على مدار 20 عاما عملا علميا نوعيا متخصصا يقرب من نصف مليون صفحة، في أكثر من 350 مجلدا، أثنى عليه وشهد لجدته وسبقه أكثر من 1000 مفت وعالم حول الأرض.

فخامة رئيس الجمهورية؛
أيها الجمع الكريم؛

لقد كان حضور الشناقطة بهيا في الحضارة الإسلامية، فساهموا في محطات كبرى من محطات مسار الحضارة الإسلامية، لقد حملوا مشاعل الشريعة واللغة، سالكين دروب الفقه والأصول والحديث والتفسير والأدب والشعر والسيرة، فأينما حلّوا، أينعت المحابر، وارتفعت المنابر، واستنارت العقول، كانت محاظرهم رياضًا للعلم، تمد جسور المعرفة بين ضفاف المغرب والمشرق، في وقار العلماء وسكينة الأتقياء ونقاء الأصفياء.
وكانت السيرة النبوية دوما جزءا عميقا من ذلك الإرث الأصيل، فحفظت كتب الشمائل في الصدور، وتعالت أصوات قصائد مديح سيد الوجود من أفواه العامة قبل الخاصة، وأصبح المديح النبوي رفيق السمر، وبلسم الأرواح، ومفتاح الحضرة؛ حيث انتشرت عديد الأغراض المتعلقة بالسيرة؛ من الشمائل والصفات والغزوات والأنساب.
لقد دأبت هذه الصحراء، منذ قرون عديدة، على أن لا يحل ليل الجمعة، حتى يتنادى أهل الحي يترنمون بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وبمدحه وبشجن الشوق إليه (فصيحا وملحونا) إنه فن وعلم أحبته هذه الصحراء وألفته ما يربو على العشرة قرون؛ فرددته الأطفال والجدّات، وترنم به الرعاة والسقاة، وشدا به الشادون:
لقد صدحوا خلف شعرائهم:

لولاك ما أنزل الذكر الحكيم ولا
الدين القويم ولا ما في الصحاح روي

لولاك ما استنبط الأحكام مجتهدٌ
ولا استبان حلالُ البيع من ربوى
لولاك ما جمعَت جمعُ الحجيج ولا
أمنوا لرمي جمار الموقف المنوي

ورددوا:
وجهت وجهي إلى خير الورى وأرى
لنفسي الفوز بالمطلوب والظفرا

وجهت وجهي لذي الخلق العظيم وذي
الْمجدِ الصميم عديم الشكل والنظرا

لا لا تقس بالورى الماحي فذو خطــإ          
من قاسه بالــــورى لو لم يكـــن بشـــــرا

أثنــــى عليه بما قد كان ناسبــــــــــه     
    رب العبـــــــــــاد فماذا يبلغ الشعـــــــرا
 

فخامة رئيس الجمهورية؛
أيها الحضور الكريم؛

بشرى لنا اليوم ونحن نعايش بين ظهرانينا ذلك التاريخ الذي طالما شد مشاعرنا وعواطفنا وجذبها، إنها لحظات طالما بعثت في شعرائنا مكامن الشوق والوجد والحنين؛ حين تتراءى لهم مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وتتراءى لهم معالمها وتاريخها؛ فكلنا اليوم ننشد مع شاعرنا:

ما كنتَ مذْ زمن ترجوهُ هذَاؤهْ  هذا شفيعُ الورى بُشراك هذاؤهْ
هذا العتيقُ وذا أبو الفتوح وذو أهلُ البقيعِ أحبَّاهُ وأبناؤهْ

أهلا ومرحبا بكم فخامة رئيس الجمهورية وأهلا ومرحبا بضيوفكم الكرام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.